ذكر الله فمن أراد مضاعفة الحسنات وأن يكون في معية الله فعليه بذكر الله فقد قال الملك سبحانه وتعالى " أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه ". يا فرحتك يا سعادتك - الله – جل جلاله معك نعم معك أنت.
تأملوا بارك الله فيكم في هذه الفضائل المتعلقة بذكر الله تعالى، والمقصود التنبيه على بعض أنواع الذكر التي وردت فيها فضائل عظيمة، وذُكرت فيها مثوبة جليلة.
ومن هذه الأذكار، سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله والله أكبر، حيث وردت في فضلها أحاديث كثيرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: ((أحب الكلام إلى الله تعالى أربع: سبحان الله والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر ولا يضرّك بأيهن بدأت)) رواه مسلم، وأخرج الإمام الترمذي عن أنس رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، لتساقط من ذنوب العبد كما تساقط ورق هذه الشجرة)) صححه الألباني .
وأخرج الإمام النسائي من حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((خذوا جُنتكم من النار، قولوا: سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات، ومعقبات ومجنبات، وهن الباقيات الصالحات)) صحيح الجامع
وأخرج الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لأن أقول: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، أحب إليّ مما طلعت عليه الشمس)).
وأخرج الترمذي من حديث ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لقيت ليلة أسري بي إبراهيم الخليل عليه السلام، فقال: يا محمد أقرئ السلام أمتك، وأخبرهم أن الجنة طيبة التربة، عذبة الماء، وأنها قيعان، وأن غراسها: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر))
فانظر يا أخي الكريم إلى ما ورد في فضل هذه الكلمات الأربع، وإلى سهولة هذه العبادة، أفلا نكون ممن عرف هذا الخير وعمل به وأكثر منه؟
وإليك هذه الفضائل التي لا يفوتها إلا محروم
أخرج البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء الفقراء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: ذهب أهل الدثور من الأموال بالدرجات العلا والنعيم المقيم، يصلون كما نصلي، ويصومون كما نصوم، ولهم فضل من أموال يحجون بها ويعتمرون ويجاهدون ويتصدقون؟ قال: ((ألا أحدثكم إن أخذتم أدركتم من سبقكم ولم يدرككم أحد بعدكم وكنتم خير من أنتم بين ظهرانيه إلا من عمل مثله: تسبحون وتحمدون وتكبرون خلف كل صلاة ثلاثاً وثلاثين)).
وأخرج البخاري أيضاً عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((من قال: سبحان الله وبحمده، في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر))، وأخرج البخاري أيضاً عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن: سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم)) وأخرج مسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: بينما نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجل من القوم: الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من القائل كلمة كذا وكذا؟ قال رجل من القوم: أنا يا رسول الله قال: عجبت لها فتحت لها أبواب السماء)) قال ابن عمر فما تركتهن منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك.
وأخرج مسلم أيضاً عن سعد قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أيعجز أحدكم أن يكسب كل يوم ألف حسنة فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألف حسنة؟ قال: ((يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألف حسنة أو يحط عنه ألف خطيئة)).
وأخرج مسلم عن ابن عباس عن جويرية أم المؤمنين أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من عندها بكرة حين صلى الصبح وهي في مسجدها ثم رجع بعد أن أضحى وهي جالسة فقال: ((ما زلت على الحال التي فارقتك عليها؟)) قالت: نعم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لقد قلت بعدك أربع كلمات، ثلاث مرات، لو وزنت بما قلت منذ اليوم لوزنتهن: سبحان الله وبحمده عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه ومداد كلماته)) فلله الحمد كثيراً على نعمه وتيسير عبادته
كما أن مما يعين على حياة القلب وطمأنينة النفس وراحة البال دوام ذكر الله عز وجل فنعم الزاد الذي كان يتغذى به الصالحون وينعم به العارفون كما قال ربنا: أَلاَ بِذِكْرِ ٱللَّهِ تَطْمَئِنُّ ٱلْقُلُوبُ [الرعد:28].
ويقول شيخنا ابن تيمية رحمه الله: "الذكر للقلب مثل الماء للسمك، فكيف يكون حال السمك إذا فارق الماء؟!"
ويقول شيخنا ابن القيم رحمة الله: "وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله تعالى إلى قرب من انتصاف النهار، ثم التفت إليَّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغدَّ هذا الغداء لسقطت قوتي"
فما أحرانا أيها المسلمون أن نعطر أفواهنا بذكر الله تعالى ونرقق قلوبنا بذكر الله تعالى وما أحوجنا إلى تكفير ذنوبنا بذكر الله تعالى واستغفاره، وطوبى لمن وجد في صحيفته استغفاراً كثيراً.